Tafsir Al-Fath/48:1, Kemenangan Yang Nyata
Allah Subhanahu wa Ta'ala berfirman:
اِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِيْنًاۙ
Sesungguhnya Kami telah menganugerahkan kepadamu kemenangan yang nyata (Al-Fatḥ [48]:1)
ٱلتَّفْسِيرُ:
إِنَّ أَسْبَابَ ٱلنُّزُولِ لِهٰذِهِ ٱلْآيَةِ تَخُصُّ ٱلنَّبِيَّ مُحَمَّدًا صَلَّى ٱللّٰهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَمَا حَصَلَ عَلَى ٱلْفَتْحِ فِي صُلْحِ ٱلْحُدَيْبِيَةِ وَفَتْحِ مَكَّةَ.
وَٱلسُّؤَالُ ٱلْمَطْرُوحُ هُنَا: مَا ٱلْمُرَادُ بِـ "ٱلْفَتْحِ ٱلْمُبِينِ" فِي هٰذِهِ ٱلْآيَةِ إِذَا وُجِّهَ ٱلْخِطَابُ إِلَى ٱلْمُسْلِمِينَ ٱلْيَوْمَ، وَٱلِٱبْتِلَاءَاتُ مَازَالَتْ مُمْتَدَّةً، وَٱلتَّارِيخُ لَمْ يَبْلُغْ نِهَايَتَهُ بَعْدُ؟
ٱلْجَوَابُ: أَنَّ مَعْنَى ٱلْفَتْحِ ٱلْمُبِينِ عِنْدَ ٱللّٰهِ هُوَ ٱلْأَمْرُ ٱلْمَقْضِيُّ ٱلْمُنْتَهِي، أَمَّا ٱلْفَتْحُ فِي أَعْيُنِنَا فَهُوَ مَسِيرَةٌ وَعَمَلِيَّةٌ يَجِبُ أَنْ نَقْطَعَهَا.
وَمَثَلُ ذٰلِكَ: تَصَوَّرْ مِعْمَارًا رَسَمَ قَصْرًا كَامِلًا عَلَى ٱلْوَرَقِ، فَهُوَ يَعْلَمُ مَوْضِعَ ٱلْبَوَّابَةِ وَعَدَدَ غُرَفِ ٱلنَّوْمِ وَغَيْرَ ذٰلِكَ، أَمَّا ٱلْبَنَّاءُ فَلَا يَرَى إِلَّا ٱلْأَسَاسَاتِ، وَلٰكِنَّ ٱلْمِعْمَارَ يَرَى ٱلْقَصْرَ قَدِ ٱكْتَمَلَ فِي حَقِيقَةِ ٱلتَّصْمِيمِ. وَهٰكَذَا يَنْظُرُ ٱللّٰهُ إِلَى ٱلْفَتْحِ: يَرَى كُلَّ ٱلصُّورَةِ، أَمَّا نَحْنُ فَإِنَّمَا بَدَأْنَا ٱلرِّحْلَةَ.
وَٱلسُّؤَالُ ٱلثَّانِي: إِذَا كَانَ ٱلْفَتْحُ مَحْسُومًا، فَهَلْ يَعْنِي ذٰلِكَ أَنَّهُ يَجُوزُ لَنَا أَنْ نَقْعُدَ لِأَنَّ ٱلنَّتِيجَةَ مَضْمُونَةٌ؟
ٱلْجَوَابُ: إِنَّ ٱلْوُثُوقَ بِٱلْوَعْدِ لَيْسَ سَبَبًا لِلتَّوَقُّفِ، بَلْ هُوَ دَافِعٌ لِلْمَسِيرِ بِغَيْرِ تَرَدُّدٍ. وَمَثَلُ ذٰلِكَ: كَٱلْبَحَّارِ ٱلَّذِي يَعْلَمُ بِكُلِّ يَقِينٍ أَنَّ ٱلْمِينَاءَ أَمَامَهُ، وَلٰكِنَّهُ مَعَ ذٰلِكَ يَجِبُ أَنْ يَخُوضَ ٱلْأَمْوَاجَ لِيَصِلَ إِلَيْهَا. فَإِنَّ يَقِينَ ٱلْوِجْهَةِ يُعْطِيهِ قُوَّةً وَلَيْسَ كَسَلًا.
وَٱلْخُلَاصَةُ: إِنَّ ٱلْفَتْحَ ٱلْمُبِينِ هُوَ حَالَةٌ نَفْسِيَّةٌ يَطْمَئِنُّ فِيهَا ٱلْقَلْبُ وَلَوْ لَمْ تَصِلِ ٱلْخُطُوَاتُ بَعْدُ. فَٱلْفَتْحُ ٱلْحَقِيقِيُّ لَيْسَ مُجَرَّدَ قَهْرِ ٱلْعَدُوِّ فِي ٱلْخَارِجِ، بَلْ قَهْرُ ٱلشَّكِّ فِي ٱلدَّاخِلِ.
Semoga bermanfaat.